قد لا نبالغ إذا قلنا بأن باولو مالديني يعد أجود وأفضل مدافع في العالم. كيف لا وهو احد تلاميد المدرسة الايطالية المعروفة بفلسفة الكاتيناتشو( المصيدة) الشهيرة وخريج السرية الزرقاء التي تنفرد بتكتيك الدفاع الحصين الخانق. فبعد نهاية كاس العالم الأخيرة اعلن هذا "الفتي الهمام" عن اعتزاله من صفوف المنتخب الايطالي. وتكريس بقية المشوار مع نادي الميلان فريقه الأول والاخير.
مدمن العشق لصديقته: عندما كان باولو مالديني يدرس في الإبتدائية بمدرسة ليوناردو في ميلانو في منتصف السبعينيات. كان يبتهج كثيراً حينما يدق الجرس معلناً فترة الراحة. ينادي بعض اصدقائه ويدعوهم لمداعبة الكرة والتي كانت عبارة عن ورق مقوي او كيس صغير محشو بقطع من قماش. وفي احد الايام منحتهم ادارة المدرسة كرة حقيقه يلعبون بها فانتشي طرباً وهو يتلاعب بها بين أرجله وقد انتهزت شقيقته دوناتيلا الفرصه واحضرت آلة تصوير ملتقطة له صورة ساخنه وهو حاضن الكرة وقدمتها لولدها شيزاري.
بمضي الأيام .. مالديني أصبح "روسينياً" : بعد تناول العشاء التقت اسرة مالديني وكانت كثيرة العدد فذهبت دوناتيلا واحضرت الصوره لوالدها الذي تمعن فيها كثيراً. ثم هز رأسه ورتب على رأس أبيه باولو قائلا له :انت موهبة إلى هذا الحد فردت الوالده: أليس الإبن صورة مطابقة لوالده .. انه يجيد اللعب بالكرة متلك.
شيزاري كان يدرب آنذاك الوقت فريق الميلان"لافور مادزيوني رسونيرا" اي تشكيل الأحمر والاسود. لم يتردد شيزاري كثيراً وقرر ان يصطحب مه باولو الي مقر النادي وعندما وصلو طلب من مدرب الفئات الصغيرة ان يدرج اسمه في القائمه رفقة اقرانه الجدد. وأمره ان يكون صارماً في مسابقة اختيار اللاعبين الجدد. وان لا يختار إلا الأفضل. وأن لا "يفوت" له إن رسب ..لكن مالديني ضرب الأرقام ونجح وأبهر الجميع .. واصل اللعب تبعاً ويوماً تلو الآخر .. الأمر الذي جعل الكثيرون "مبهورون" به.
أولى الخطوات .. مثيرة: وبعد أن أصبح "كبيراً" في ميلان .. خاض باولو مالديني أولى لقاءاته مع ميلان في القسم الممتاز يوم 20 يونيو 1985 وكان يملك من العمر 16 سنة ، وكانت المباراة ضد أودينيزي بملعب الأخير ، والذي انتهى آنذاك بالتعادل الإيجابي 1-1 ، وكان السويدي نيلس لديولم يدرب الفريق في ذاك الزمان فتحدث مع مالديني وقال له :"أي المراكز تفضل اللعب لها" ، فرد قائلاً :"في الدفاع .. للجهة اليمنى" ، ولكن ولإنشغال هذه الزاوية .. فأدرجه في مركز الدفاع الأيسر .. فمرت الأيام والشهور والسنين وأصبح اليوم "عميداً في الدفاع .. لمثال يحتدى به لمن يريد مدافع أسطوري".
حطم الرقم القياسي .. دون حظ سعيد: ومنذ ذلك الإبداع .. استدعاه مدرب منتخب ايطاليا لفئة العشرين سنة ، من أجل أن يخوض تجربة ودية أمام المنتخب اليوغوسلافي والتي انتهت بالتعادل الإيجابي هدف لهدف. ورغم تعدد المناسبات التي لعب فيها للآتزوريتي الإيطالي .. إلا أنه لعب في عهد المدربين التاليين : أونزو بيرزوني .. اريغو ساكي .. شيزاري مالديني .. دينو زوف .. وأخيراً تراباتوني. وكان مالديني دائماً ما يكون أساسياً في المنتخب .. ورافعاً إشارة القائد. لعب مالديني مع المنتخب 126 مباراة محطماً الرقم القياسي للحارس الأسطوري دينو زوف برصيد 120 مباراة.
ولم يبتسم الحظ لمالديني طول سنوات لعبه مع المنتخب ، فلم يحصل على أي لقب قاري أو عالمي .. فخسر كأس العالم 1990 بالخروج من دوره النصف النهائي أمام الأرجنتين بركلات الترجيح قبل أن يخرجون بنفس السيناريو في كأس العالم 1998 أمام فرنسا في دوره الربع النهائي. وأما في نهائي بطولة أوروبا 2000 فكاد أن يحقق اللقب لولا "سوء الحظ" الذي منحه للفرنسيون آنذاك. وأخيراً في بطولة كأس العالم بكوريا الجونبية واليابان خرجوا من الدور الثمن النهائي على يد المستضيف كوريا.
الوداع .. والإصرار: وفي الخريف الماضي .. وبينما كانت ايطاليا تتأهب لخوض مغمار منافسات بطولة أوروبا 2004 ، أعلن باولو مالديني اعتزاله رسمياً للنطاق الدولي ، وسط محاولات كثيرة وكبيرة أبرزها "ترجي" جيوفاني تراباتوني ولكن دون جدوى.
بروفايل مالديني:
ولد في : ميلان
لتاريخ : 26 يونيو من عام 1968
المركز : ظهير أيسر
لعب : منذ بداية مشواره الكروي لنادي ميلان حتى يومنا هذا
خاض : أكثر من 500 مباراة .. ونال 6 ألقاب ، وكأسين محليين ، وثلاث كؤوس ممتازة ، بينما خاض أكثر من 100 مباراة في منافسات أوروبية عدة فحصل على 4 كؤوس للأندية البطلة .. اثنان منهم بالصيغة الجديدة.
محطات : حطم الرقم القياسي في عدد المشاركات في المنتخب الإيطالي 126 مرة ، أكمل عشرون عاماً مع ميلان.